في تصريحٍ لافت، وقبل أيام من عقد قمة “بريكس” اعتبرت رئيسة مجلس الاتحاد فالنتينا ماتفيينكو،
أن أيام القمة الثلاثة وليس الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، هي من ستحدد المسار المستقبلي
للتاريخ وستتم متابعتها في جميع القارات، معتبرةً أنّ المباحثات بين زعماء الأغلبيّة العالميّة
في “قمة قازان” سيكون لها التأثير الرئيس على المستقبل.
فما الذي تعرفه عن مجموعة “بريكس” وما أهمية ترأس روسيا لها في هذا التوقيت ؟
هي رابطة حكومة دولية تشكّلت عام 2006، باتفاق أربع دول، وهي الصين، روسيا، الهند،
والبرازيل على إنشاء مجموعة أطلقوا عليها “بريك”، قبل أن تنضم جنوب أفريقيا للمجموعة عام 2010،
ليصبح اسمها “بريكس”، ويشير الاسم لاقتصادات الدول الأكثر ديناميكية.
وحالياً، تتشكل المجموعة بالإضافة للدول المؤسسة كلّ من، مصر وإيران والإمارات وإثيوبيا،
والسعودية، وسط ترجيحات لتغيّب الأخيرة على المستوى القيادي.
تُمارس رئاسة قمة “البريكس” بشكل تناوبيّ، تقوده كل دولة عضو في المجموعة لمدة عام.
سبق وأن تولّت روسيا رئاستها عدّة مرات، كان أهمها عام 2015 والذي تمّ فيه تأسيس (بنك بريكس)
كبنك للتنمية وإقراض مشاريع النهوض الاقتصادي.
الرؤية الروسية للبريكس
وفقاً للفَهم الروسي، يعتبر نظام “بريكس” منصّة للانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب نظراً للتعاون
والتضامن بين أعضاءه في قرارات التنمية الإنسانيّة والاقتصاديّة، والانفتاح الواقعيّ لتشكيل جهد
موحّد بشأن القضايا الدوليّة الرئيسة، من أجل الوصول لعلاقاتٍ دوليّة تقوم على أسسٍ جديدة،
على اعتبار أنّ الإدارة القائمة للنظام الدولي الحالي ذات نموذج اقتصادي مهيمن، خصوصاً
مع التداعيات العالمية والآثار الجيوسياسية التي نتجت بعد العملية الروسية في أوكرانيا.
أمس الجمعة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن مجموعة “بريكس”
ليست رابطة معادية للغرب، ولا تنافس أحداً، بل هي اتحاد لدول تعمل سوياً انطلاقاً من قيم مشتركة،
مشدداً على أن “العقوبات الأميركية ضد روسيا تأتي بنتائج عكسية على الولايات المتحدة”.
تلعب العلاقات البينية بين دول المجموعة سواء تلك الاقتصادية – لمستويات الاقتصاديات المختلفة –
أو السياسية مع أميركا عاملاً مهماً في طبيعة تشكيل العلاقات الدولية، فالهند مثلاً، على ت
حافظ على علاقاتٍ جيّدة مع الولايات المتحدة. بالمقابل، تتفوق الصّين اقتصادياً على بقية دول المجموعة
بناتج محليّ يبلغ 17.7 تريليون دولار. بقوة اقتصادية متنوعة، مقارنةً باقتصادات دول تتلخّص مصادر
قوتها في الموارد النفطية كالسعودية وإيران. هذا وتضم الدول 45٪ من سكان العالم،
وبناتج إجمالي للعالم يبلغ 33٪، بقيمة تشكل نحو 28 ٪ من الاقتصاد العالمي. وهو من جانب،
يعزز التنافسية مع G7 (مجموعة السبع) بعد بلوغ حصتها 29.3٪ مقارنة بـ37.4 ٪ لصالح البريكس
أهمية زمنية القمة
تأتي أهمية القمة في الوقت الذي تزايدت فيه العقوبات الغربية على روسيا وتجميد أصولها المالية في الخارج،
فمؤخراً ناقشت وزارة الخزانة الأمريكية مع بريطانيا تسخير الأصول الروسية المجمدة
لتحقيق استفادة اقتصادية من حوالي 300 مليار دولار.
ومن المقرر، أن تنطلق أعمال قمة مجموعة دول تجمع البريكس في قازان عاصمة
تتارستان جنوب روسيا في 22 أكتوبر الجاري والتي تستمر يومين بحضور 32 من
ممثلي الدول بينهم 24 على مستوى القادة، وذلك بعد موافقة بوتين على مفهوم الرئاسة
الروسية لها في نوفمبر 2023.
يشار إلى أن الأهداف التي سيعمل بوتين لتحقيقها عديدة، منها، زيادة دور البريكس
في النظام المالي الدولي، وتطوير التعاون بين البنوك وتوسيع استخدام عملات دول المجموعة،
وتعزيز التعاون بين سلطات الضرائب والجمارك لهذه الدول.
آراء محللون سياسييون
” أن القمة ممن الممكن أن تمثل نقطة تحول فارقة في مسار الأحداث العالمية لما يتوقع أن ينتج عنها من قرارات.
لا سيما تلك المتعلقة بتجاوز النظام المالي العالمي المُهيمَن عليه بالأساس أمريكياً وأوروبياً.
على اعتبار أن روسيا اقترحت إجراء تعديلات على أنظمة الدفع عبر الحدود بين دول المجموعة،
عبر اقتراح تطوير شبكة من البنوك التجارية التي تُجري معاملاتها بالعملات المحليّة”.
“عن أثر وأبعاد انعقاد القمة على سورية، بعد حديث مصادر دبلوماسية عن خوض الأخيرة مفاوضات جادة
للانضمام للبريكس، يشيرون إلى أن العلاقات الاستراتيجية التي تجمع سورية مع أبز عضوين في البريكس (روسيا والصين)،
بالإضافة للانفتاح العربي؛ بما يحققه من ثقل دولي من شانها تهيئة مناخ الانضمام للتكتل، مع ضرورة ما يرافقه
من العمل على تحسين المؤشرات الاقتصادية التي تشكل شروط اساسية للدول الراغبة في العضوية،
دون إغفال أن هذه الخطوة تاخذ وقتاً ليس بالقصير، وعلى المدى البعيد سيكون لها دوراً في تمكين سورية
من الحصول على مصادر تمويل في إطار سعيها للانضمام لبنك التنمية الجديد المُشار له آنفاً
كخطوة أولية لازمة للانضمام للتكتل لاحقاً.