خاص|| بوابة سورية
حسين روماني
لاحقت النمطية الفنانة سهير صالح في العديد من أعمالها على الشاشة الصغيرة وحتى الكبيرة، استسهال خيال المخرجين لوضع الوجه الأنثوي الشاب في أدوار كلاسيكية بسيطة كطالبة الجامعة أو الفتاة الريفية قيّد أدوات خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية 2016 لفترة من الوقت، لكنها اليوم هربت من تلك الصورة نحو منحى جديد عبر دور “المحامية”، التي لعبته في مسلسل “المغتربون” مع شركائها لجين إسماعيل، ريام كفارنة وأيمن عبد السلام أمام كاميرا المخرج الدكتور عمار العاني، هذا الهروب الذي دفعنا للحديث معها في العديد من التفاصيل عبر حوار خاص.
تجربة ذات مسمّى مهني
استطاعت شخصية “المحامية” أن تخطف انتباه الممثلة سهير صالح، إذ وجدت فيها ما كانت تبحث عنه فقالت: «أغلب الأدوار التي لعبتها توزّعت بين الطالبة الجامعية وابنة المنزل والريف، جميعها غابت عنها المهنة الواضحة للشخصية، ربما استطاعت “غصون” في “مع وقف التنفيذ” كسر تلك القاعدة، لكنّ المحامية جاءت بشكل واضح وبأثر كبير على الأحداث، وبشكل عام فإنني أحب لعب الشخصيات ذات المسمى المهني»، وأضافت «في البداية ذهب الدور نحو ملامحي، فمخرج العمل أراد تواجد وجه شرقي الملامح وبنفس الوقت مندمج بالغرب، عند قراءتي للنص الذي كتبه الأساتذة نجيب نصير ورامي عمران وجدتها تعيش في أوروبا وحاصلة على الجنسية وتساعد اللاجئين هناك، هي ابنة البيئة التي ولدت فيها وبنفس الوقت طبيعة العمل أعطاها شكلاً متحضراً، هي موجودة على مدى الـ30 حلقة، ليست بطلة من أبطال الحكاية الـ3، لكن مكتبها هو المكان الآمن والمتنفس لهم جميعاً، ومن خلف طاولته تحاول أن تساعدهم على حل مشاكلهم العائلية بدافع من صوت الذكريات الذي لا يفارقها فهي عنصر مهم في الحكاية، حتى أن صوتها هو الراوي مع كل بداية حلقة الذي يتحدث بشكل قانوني عن احصائيات لجوء السوريين في دول العالم، وهي المحرك الأساسي لحكاية لجوء هؤلاء الأشخاص».
بعيداً عن البطولة
تواجد اسم سهير الذي نراه جميلاً بين قائمة مليئة بالشباب، سمح لنا بسؤالها عن كثافة الوجوه الشابة في الأعمال الحالية ضمن البطولة الجماعية فأجابت: «من الطبيعي أن نطغى وحان الوقت لنكون متواجدين بشكل مكثف، ولكن المجال مفتوح سواء للبطولة الفردية أو الجماعية، وبرأيي فإن المسائل ليست محكومة بمقياس محدد، العديد من الأزمات التي واجهتها هذه المهنة ذهبت بنا لأماكن صعبة، كأزمة البطل الواحد الذي يكون بمثابة ربح تعاود شركة الإنتاج استثماره، والأزمات الإنتاجية المختلفة، لذلك فإنني أميل دائماً لبطولة النص الذي يبحر بمركب الممثلين والمخرجين نحو الضفة الصحيحة» وأكملت: «إلى الآن لازلت أخوض في غمار الأدوار الثانية بعيداً عن أي بطولة جماعية، لعب الدور الأول ليس بهذه السهولة وإلى الآن لم أقدم تجربة البطولة المطلقة، وبشكل عام فإن جميعها تجارب انتهت بعد أن منحتها من طاقتي الجسدية والنفسية والفكرية كل ما تلزمه لتكون بالشكل الصحيح، لست نادمة على ما قدمته ربما بمكان من الأماكن كانت النتائج النهائية ليست مرضية بالنسبة لي، وهذه الأعمال أَسْدَلْتُ عليها ستارة النسيان، نحن كممثلين نؤمن بفكرة العمل ونقدمه بشراكة عظيمة مع أصدقائنا وأساتذتنا وزملاء المهنة، لكنها في النهاية صناعة تدخل بها العمليات الفنية من زوايا تصوير، إضافة أو حذف مشاهد، وحتى الموسيقى التصويرية و”تيتر” العمل، جميعها تفاصيل الممثل غير مسؤول عنها».
عقلية إنتاجية واحدة مع الشباب
إنتاج العمل من قِبَل منصة “1+1Show” وعرضها له بمعدل 3 حلقات كل 10 أيام علماً أن مدة الحلقة لا تتجاوز 6 دقائق، دفعنا لسؤال بطلة حوارنا عن المنصات وهل هي متنفس حقيقي للعمل الدرامي والممثل بعيداً عن روتين الإنتاج، لتصارحنا بالقول: «للأسف العقلية الإنتاجية التي تمارسها الشركات مع الشباب موجودة في هذه المنصات، خاصةً في نظرتهم إلى أن الدور الذي يتم منحة للشباب هو “فرصة للظهور” والأمر ليس كذلك، هذه الأدوار مكاننا الصحيح في الأعمال المنتجة نقدمها ضمن الإمكانيات المقدمة لنا، فالتعامل المريح والحصول على أجر مادي مناسب يوجد لنا المساحة لتقديم هذه الأدوار براحة وشغف، لكن الواقع في الطرف الآخر تماماً إذ أن الأعمال التي تُنَفذّ هنا تتم بنفس العقلية الإنتاجية للشركات سواء أكانت 30 حلقة أو حلقة واحدة، وبرأيي فإن فئة الشباب غير راضية عن طريقة التعامل المادي والمعنوي، ربما في المستقبل نجد شراكات وإدارات إنتاجية جيدة تحفظ حقوق الجميع».
خطوات حذرة
ختاماً سألنا بطلة “وهم” عن حذرها في كل خطوة جديدة ومحدودية انتقاء الممثل لأدواره وما الذي تبحث عنه في أي فرصة تُقَدّم لها، وأجابت: «هذا الحذر قادم من كوني شخص حسّاس، وهو أمر منطقي وجيد فلدي خطواتي التي أظل أفكر كيف سأقدمها بما يشبهني دون خسارة أي جهد لشيء لا يستحق، الحذر قرار والانتقائية باتت صعبة جداً، التواجد الدائم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو على الشاشة الصغيرة والكبيرة، الوضع المادي الذي يضع الممثل أحياناً أمام مجازفة لعب أدوار غير مقتنع بها، وحتى دعم الأصدقاء بالتواجد ضمن عمل واحد، جميعها تؤثر على مثالية الانتقاء، عدا عن أن المهنة أصبحت مشتتة وتميل نحو سطحية الأمور مع تواجد العديد من المؤسسات التي تعنى بالتمثيل والفنون من صناعة محتوى وإعلانات والتسجيلات المصورة القصيرة، وكل ما أبحث عنه الأدوار ذات الشخصية المركبة بصراعاتها الواضحة التي تنقلني من نمطية الفتاة الرقيقة إلى أماكن جديدة أستطيع فيها استخدام أدواتي أمام المشاهد حد الإتقان، مع شركاء عمل لديهم كل الشغف لهذه المهنة التي أتمنى أن يكون اسمي فيها بين العديد من الأسماء التي صنعت لنفسها طريقها الخاص».