اشتهرت دمشق بأداء حلقات المولوية منذ زمن طويل، وما زلنا حتى يومنا هذا نراها في المساجد كحلقات روحانية للذكر الإلهي.
ما هي المولوية
تعتبر المولوية من الطرق الصوفية التي تتوحد مع الإنسان، أي توحد الروح والجسد، النور والعمل في رقصة واحدة
وذلك للتحليق بالجسد في آفاق الروح، هي رقصة فولكلورية تقوم على حب الإنسان لذاته وإعلاء كرامته
لتصل إلى مراحل علية من العبودية والتقرب من الله.
مسار حياة المولوين
بدأت في عصر المغول عندما كانت تُنتهك حرمة الإنسان
لذلك أقيمت على مبدأ الحب، والإنسانية، للمولوية مطبخ يطهى فيه الطعام خاصة في يوم الأحد والإثنين يدعى كبار القوم
ويقدم لهم موائد الطعام وهي على شكل دائري، ويوجد مائدة كبيرة للشيخ، يتناولون الطعام
فإذا توقف أحدهم لشيء ما، كشرب الماء مثلا، توقف الجميع عن الطعام، هذه من سلوكيات درويش المولوية.
جلال الدين الرومي
إنه جلال الدين محمد البلخي القرنوي مؤسس المولوية، نسب إليه كنية الرومي العائدة إلى الروم أي الأناضول، مكان ولادته.
نزحت أسرة جلال الدين الرومي من مدينة بلخ قبيل هجوم المغول، عاش في عصر شديد الاضطراب
كانت البلاد العربية الإسلامية معرضة للغزو الصليبي والمغولي.
و نزح حينها إلى بغداد ثم إلى مكة ثم إلى دمشق ثم إلى قونيا واستقرت أسرته في قونيا
عندها ولدت المولوية، التي أنشئت بعد التقائه بشمس الدين التبريزي الذي كان الملهم الأول للرومي.
التكية في سورية
اشتهرت المولوية في حلب، حيث تقع التكية الثانية بعد تكية قونيا التي تعتبر المركز الرئيسي للمولوية
وقد تخرج من تكية المولوية في حلب كبار الفنانين والموسيقيين لأنها كانت بمثابة المعاهد الموسيقية.
تتألف التكية من عدة أقسام:
المسجد، الساحة الخارجية حيث تقوم المقبرة التي يدفن فيها أعلام المولوية، المطبخ، غرف سكن الدراويش.
و بناها علمان من أعلام الدراويش المولوية وهما (المرزا فولاذ) و(المرزاعلوان)
كما تعتبر التكية مطبخاً روحياً لتعليم الحياة الروحية من غير انقطاع عن الحياة الدنيا، ويتم تقديم الطعام للفقراء والمساكين من خلالها.
أما في دمشق، ظل الإنشاد الديني محصوراً ضمن حلقات الأذكار إلى أن جاء الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي المتخرج من المدرسة الصوفية
وجعل الإنشاد فناً مستقلاً، فأخذ الطريقة ’ الكيلانية’ عن الشيخ عبد الرزاق الحموي الكيلاني، وأخذ الطريقة ’ النقشبندية’ عن الشيخ سعيد البلخي لكنه اتبع في النهاية الطريقة القادرية.
وكان الشيخ النابلسي من وضع تقاليد الجامع الأموي بدمشق مثل الصمدية الشريفة التي تفصل ما بين الأذان الأول والثاني عند صلاة الجمعة
بالإضافة إلى التسابيح والتراحيم التي تسبق أذان الفجر، والأذان الجماعي في الجامع الأموي الذي تؤديه جماعة المؤذنين في المسجد.
لباس دراويش المولوية
للباس الدراويش رمزيتين، فالبعض يقول إنهم يلبسون الكولاح والطربوش الطويل المصنوع من اللباد
وهو رمز لحرف الألف وهو الحرف الأول من كلمة الله ويلبسون الملتان الأسود الذي يوضع أسفل الصدر يلف حول الجسم ويرمز لونه الأسود لليل، والتنورة رمز للنهار ثم تبدأ بالفتلة المولوية المعروفة.
وآخرون يقولون إن التنورة البيضاء ترمز إلى الكفن، ودورانها إلى الفصول الأربعة التي تتبدل حول الشمس، أما القبعة فترمز إلى شاهدة القبر.
الفتلة
هي الأداء الأكثر شهرة بين أهل التصوف، تبدأ بطيئة ثم تتسارع، ينظم هذه الفتلة ميدنجي الحضرة لئلا تصدم الدراويش ببعض وعدد دوراتها بعدد أيام سنة الأرض
و عندما تكتمل الدورة يقوم الميدنجي بضرب رجله على خشبة المسرح أو أرض الدركة ليصدر صوتا قويا، فيتوقف الجميع عن الفتلة ثم تعود الفرقة الموسيقية
لتقدم الأناشيد والقصائد و الموشحات ثم يعودون إلى الدورة الثانية و ثم الثالثة إلى آخره.
كما يعتبر هذا الأداء الفني أي الدوران حول الشيخ، أشبه بالنظام الفلكي، بالإضافة إلى أنه نوع من النجوى التي تتصاعد بها الروح نحو خالق السنوات والأرض.
أما عن حركة اليدين، الكف اليمنى إلى الأعلى والكف الأيسر مخفوضة قليلا للأسفل، والكف الأيمن يرمز إلى عالم النور والكف الأيسر يرمز بانخفاضها إلى عالم النور والكف الأيسر يرمز بانخفاضها إلى الأرض.
وفي النهاية نرى أن المولوية تشهدت في وقتنا الحالي انجذاب كبير، للتعرف على عالمها، ونلاحظها في شهر رمضان بالأخص كونها ترتبط بالروحانية وذكر الله والتعبد.