السينوغرافيا من الورق إلى الخشبة

يحتاج كل عرض مسرحي إلى نص به حوار تتداوله شخصيات لتصنع القصة وصولاً إلى الحبكة والنهاية، لكن هذا لا يكفي لتصوّر الحكاية، وهنا تظهر أهمية فن السينوغرافيا في العمل.

لخلق عوالم مسرحية واضحة، تأخذ بيد المشاهد وتمزج خياله بما يُقدم على الخشبة فيربط خيوط القصة ويتماشى معها،

وذلك بوجود عناصر متعددة إلى جانب ما ذكرناه سابقاً، وبعد الفهم العميق للقصة، يعمل فريق السينوغرافيا على خلق الصورة لها،

فيعطي للملك تاجه وللفقير لباسه الممزق، ويطوّع الموسيقا والديكور لخدمة العرض.

تابعنا على فيسبوك

من لباس الشخصية إلى أثاث منزلها وأدوات تعبيرها، تخرج عناصر السينوغرافيا فما هي؟

يعتبر الديكور العنصر الأكثر وضوحاً في فن السينوغرافيا ويشمل كل ما يتعلق بتصميم المساحة المادية للمسرح،

ومنها تصميم الخلفيات والجدران والديكورات الثابتة، والأثاث الموجود على المسرح، والإكسسوارات وهي أي مواد

إضافية تساهم في خلق عوالم مسرحية تسير بها الحكاية، وهذا كله يكون داخل مساحة محددة وهي الخشبة

المسرحية التي يُرتب اختصاصي السينوغرافيا مكوناته عليها، لكي يحدد بها الزمان والمكان فيجعل النص في واقعية

قريبة وملموسة.

يتطلب النص أحياناً إضاءة جوانب محددة فنرى بقعة الضوء تسلط على شخصية ما، بينما تسيطر العتمة على شخصيات

أخرى وَجب إطفاؤها في السرد، وتكون الإضاءة ضمن مكونات السينوغرافيا فتتنوع بين الإضاءة العامة والموضعية

والتأثيرات الضوئية مثل الألوان والظلال وغيرها، كما ترتبط الأزياء بشكل وثيق بالسينوغرافيا وتعتبر عنصر من عناصرها،

فترسم في عقل المشاهد الشخصية بشكلٍ أوضح مع مساحيق التجميل وتسريحة الشعر.

وكذلك المؤثرات البصرية مثل الضباب والدخان، والمؤثرات الصوتية كالأصوات الطبيعية والموسيقا وصوت الأبواب والأشياء وغيرها،

ومستوى الصوت وجودته وتوزيعه، ومع دمج هذه العناصر وانسجامها يخرج العمل النهائي معزِّزاً لسرد النص والحكاية،

ويخاطب الجمهور بشكل أدق وأقدر.

شاهد أيضاً من بعد القباني شو صار بالمسرح السوري؟

كيف تؤثر التكنلوجيا على هذا الفن ؟

كانت السينوغرافيا قديماً تعتمد على أمور بدائية مثل صناعة الديكورات يدوياً واستخدام المواد الطبيعية من الخشب والورق

المقوى، ورسم الخلفيات على القماش، بالإضافة للاستخدام المبدئي للإضاءة مثل المصابيح البسيطة والشموع وكذلك طرق

الإسقاط الضوئي بعيداً عن التعقيد.

أما اليوم بعد ظهور العديد من التقنيات الجديدة صار الموضوع مختلفاً بالنسبة لمن يعمل في السينوغرافيا وللمُشاهد كذلك،

مثل شاشات العرض الكبيرة وتقنيات الإضاءة والصوت المتقدمة، وأحياناً تقنيات الواقع الإفتراضي والطباعة ثلاثية الأبعاد،

وبرمجيات التصميم، تجعل هذه التقنيات المُشاهد في قلب الحكاية وكأنه جزءٌ منها مما يؤثر على رؤيته للعرض والتفاعل معه

وبالتالي استلام الرسالة الصحيحة التي يود العرض إيصالها ومناقشتها.

يدرس طلاب المعهد العالي للمسرح في سورية بقسم الفنون الصوتية والضوئية (السينوغرافيا)هذا الفن الذي افتتح بعد

تأسيسه ببضعة أعوام.

اقرأ أيضاً المسرحي غنام غنام : نعمل لإقامة دورة من مهرجان المسرح العربي في سورية

خطوات عمل السينوغراف

تشرح ريم الماغوط لـ ’بوابة سورية’ وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم السينوغرافيا عام 2016 عن خطوات عمل

السينوغراف التي تبدأ بقراءة النص وتحليله واستخراج الدلالات منه ثم البحث مع المخرج عن الرسائل التي يريد إيصالها من خلال العرض.
وتضيف: باعتبارنا اختصاصيين في السينوغرافيا نستخرج أيضاً رسائل من خلال النص، ويكمن دورنا بتحديد التفاصيل المرئية التي نستطيع من

خلالها إيصال الهدف وذلك من خلال الديكور، الأزياء، المكياج، الإضاءة وغيرها، وكل هذا ضمن وعاء واحد يخدم رسالة العرض.

تابعنا على تليغرام

عن المصطلح ورواجه

وعن مصطلح السينوغرافيا تقول: مازال المصطلح فقير في بلادنا، كما أنَّ العديد من المخرجين لا يعتبرونه جانباً مهماً، وهذا يعود للمخرج وعمق تفكيره

واهتمامه بالعرض وتفاصيله، كما يعتبر هذا المصطلح شائع أكثر خارج سورية حيث يشرف السينوغراف على فريق يتكون من مصممي الإضاءة

والديكور والأزياء، بحيث يكون صلة وصل بينهم وبين المخرج ويعمل على توحيد الرؤى بينهم حسب الهدف الأساسي المراد توصيله.

وعن تجربتها الشخصية تضيف الماغوط: بدأت في هذا المجال منذ تخرجي، وتعاملت مع أنواع عدة من المخرجين.

واستطعت تكوين خبرتي من خلال المسرح الذي مكنني من رؤية مفاهيم دراستي النظرية بتفاصيلها على أرض الواقع،

وتعاملت مع كل تفاصيل هذا المجال من المواد الخام وأماكن بيعها وطريقة تنفيذها وغيره، وأصبحت قادرة على تقدير الجزئيات

بشكل مهني أكثر، وأبرز ما نعانيه في هذا المجال هو ضعف التمويل وهذا ما يعيق أحياناً تنفيذ أفكارنا، لكننا نحاول أن نجد حلولاً

بشكلٍ دائم وذلك من خلال استخدام المواد البديلة، والنقطة الإيجابية هنا أن هذه العملية تجعلنا أكثر تكيفاً مع الحياة بشكل عام

من خلال خلق شيء من لا شيء.

غنوه الخليل