ربما لم يخطر في بالنا يوماً أن نبحث عن أصول مهنة الدباغة، إلا إنَّ ’ ولاد بديعة’ لفت النظر إليها.
فهي مهنة موجودة في سورية منذ زمن بعيد، في باب السلام أولاً ثم انتقلت إلى الزبلطاني
وأخيراً إلى المنطقة الصناعية في عدرا.
لم تكن معالجة الجلود شيء مستحدث بالعموم فمنذ وجود الإنسان الأول الذي استخدم
الجلود للوقاية من عوامل الطقس عامةً، حاول أيضاً معالجتها بما يتواجد لديه من مواد كي
تصبح قادرة أكثر على إفادته، ومن تلك المواد زيت السمك كما عثروا على هذه الجلود في
بعض المقابر الفرعونية.
ماهي مهنة الدباغة؟
لتملك معطفاً من الجلد لابد أن تمر المادة الخام منه بين أيدي أصحاب مهنة الدباغة،
يحوّل الدباغ الجلد المسلوخ من الحيوانات’ الغنم، الماعز، الغزال، التماسيح،الثعابين وغيرها’ إلى جلدٍ يمكنُ الاستفادة منه في الحياكة والغزل وصناعة الملابس ’ معاطف،سترات، قبعات وغيرها’،
ماهي خطوات هذه المهنة؟
إذا كان يعيش الحيوان حياةً قاسية يؤثر هذا بنوع الجلد المأخوذ عنه فيكون من النخب الثاني أو الثالث
وذلك لأنَّ آثار الضربات والخدوش التي كان يتعرض لها في حياته تظهر على الجلد حتى بعد معالجته.
يستخدم أصحاب المهنة طرقاً للحفاظ على الجلد وذلك من خلال تجفيفها ونشرها في الشمس، أو عن طريق تمليحها.
وفي التحضير لعملية الدباغة تُنقع الجلود في الماء النظيف بعد فرزها للتخلص من الشوائب
التي تقع عليها لمدة يومين أو ثلاثة للجلود الحديثة ومن ثماني أيام لعشرة للجلود القديمة،
لذلك تعتبر المياه العصب الأساسي لهذه المهنة.
وبعد النقع يكشط الدباغ عن الجلد الدهون غير المرغوب ، ويعيد نقع الجلد مرة أخرى لتبدأ عملية نزع الشعر باستخدام مواد معينة مثل الكلس والزرنيخ
ويختار الحرفي المواد المستخدمة على حسب نوع الجلد وسماكته.
ثم يصل إلى المرحلة الأخيرة وهي ’ الدباغة’ التي تنقسم بدورها إلى 4 أنواع
’ النباتية والزيتية والاصطناعية والمعدنية’
تعد الطريقة الزيتية هي الأقدم، وأما النباتية عن طريق ‘العفص النباتي’ بعد استخراجه
من لحاء الأشجار وجذورها، أما الصناعية استخدمت بعد شيوع الآلات في الدباغة.
ما الخطر الذي تتعرض له مهنة الدباغة؟
كشف سابقاً رئيس الجمعية الحرفية لهذه المهنة بدمشق مازن ثلجة عن الأسباب التي تجعل مهنة
الدباغة في تراجع مستمر ومنها استيراد المعامل المشمع بكميات كبيرة، حيث صار الاعتماد عليه أكثر من
الجلد الطبيعي وصار يُسمى الجلد الصناعي، وكذلك مشاكل بموضوع المنصة لاستيراد المواد الأولية،
وغلاء اللحوم وبالتالي غلاء الجلود الخام.
هذه كلها عوامل تهدد مسار الحرفة وتقف عائقاً في طريقها.
غنوه الخليل